مقال| ثلاثة مقترحات لإنقاذ جهاز التعليم العربي في يافا
يافا 48
2022-09-25 11:36:00
إن الأزمات التي يواجهها مجتمعنا العربي في مدينة يافا متعددة وتكاد تلامس أبسط التفاصيل في كافة مناحي حياتنا في هذا البلد، وأكاد أجزم أن لو مِثل هذه الأزمات الكبيرة والمتراكمة إن تعرض لها أي مجتمع آخر لتعرض للإنهيار والإندثار، ومن هنا لا بد من توجيه التحية لأهلنا أبناء مجتمعنا العربي في يافا على ثباتهم وصمودهم وتمسكمهم بهويتهم حباً لهذه الأرض وكل ما يربطنا بها من عقيدة وتاريخ وحاضر ومستقبل..
مما لا شك فيه أننا في كل مرة نستحضر فيها الأزمات التي يواجهها مجتمعنا العربي في يافا نتناول خلالها كُبريات المشاكل والتي لا مجال لغض الطرف عنها أو تجاهلها بأي شكل مِن الأشكال، وعلى رأسها أُم الأزمات اليافية أزمة السكن والتي هي بالنسبة لنا تهديد وجودي ينغص علينا حياتنا بكل ما فيها، بالإضافة إلى الأزمات الأخرى والتي لا تقل شأناً كالعنف الذي يشتت مجتمعنا ويفرق بين مُركباته والطلاق الذي يفكك الأسر بمجتمعنا وغلاء المعيشة الذي يُضعف مجتمعنا، وكذلك أزمة التعليم التي لا تأخذ حقها في ظل الأزمات الوجودية الأخرى!.
ولكن لو أردنا بحق أن ننظم صفوفنا ونعمل بجديّة على الإصلاح والتغيير فلا بد أن نبدأ بحل أزمة التعليم في مدينتنا، فحتى نستطيع أن نواجه كل تلك التحديات الجسيمة والمخططات الشرسة لا بد أن نبني جيلاً واعياً ومثقفاً يدرك جيداً ما يُحاك ضده وضد مجتمعه في الغرف المظلمة، وكذلك يعي جيداً جوانب التطور الذي لا بد أن يرقى له مجتمعنا حتى لا يتخلف عن ركب التطور -ويفوته القطار- فيزداد الطين المحيط بِنا من كل حدب وصوب بلّة.
ولو أردنا أن نُشخص الحالة التعليمية العربية في يافا سنجد أننا أمام حالة صعبة جداً من تسرّب نسبة مِن طلابنا لا يُستهان بِها في المراحل الثانوية إلى الشوارع، بالإضافة إلى نشوز شريحة طلابية واسعة بلغت نحو 900 طالب وفق التقارير التي نُشرت مؤخرا مِن المدارس العربية قسراً أو إختياراً إلى مدارس عبرية تضيع فيها الهوية وتنحرف فيها البوصلة، بالإضافة إلى حاجات أساسية ومركزية تنقص جهاز التعليم العربي في يافا، سأتناول بعضها في السطور القادمة.
فخلال الأسبوع الماضي جمعتني جلسة بأخٍ عزيز مطلع أشد الإطلاع على الحالة اليافية أحسبه مِن الذين يعملون بصدق وإخلاص لتحقيق المصلحة الجماعية لمجتمعنا، تبادلنا خلالها الحديث حول أزمة التعليم المحلية ولفت إنتباهي خلال الحديث أمور لا ينبغي السكوت عنها ويجب التحرك فوراً لتحصيلها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مِن جهاز التعليم العربي في يافا.
فأول ما ينقصنا الآن هو إقامة مدرسة نموذجية للطلاب المتفوقين في مجتمعنا العربي، يحصل خلالها الطالب على كافة إحتياجاته التعليمية دون أن يُحرم مِن شيء ليرتقي في سُلم العلم إلى أعلى درجاته ليطرق لاحقاً أبواب المؤسسات الأكاديمية ويدخلها مِن أوسع أبوابها، ويشار أنه كانت هنالك تجربة فريدة في مدينة يافا عبر مدرسة نموذجية خرجت طبقات من الأكاديميين الذين أمدوا مجتمعنا بالقوة سواء كانوا قاصدين او غير ذلك، ولكن مجرد أنه كان وكانت التجربة ناجحة فيجب أن تعاد الفكرة وتُطبق.
ثاني ما ينقصنا هو مدرسة للتعليم الخاص تقدم خدماتها للطلاب العرب في يافا، فلا يُعقل أننا في العقد الثالث من القرن الواحد والعشرين وهنالك طلاب من ذوي التعليم الخاص تحولوا إلى رهائن في الصفوف العادية لا يتلقون ما يحتاجونه بسبب عدم أهلية المعلم العادي للتعامل معهم بسبب عدم حصوله على شهادة تؤهله للتعامل الخاص مع هذه الشريحة الطلابية فأصبح الطالب والمعلم ضحايا لهذه الحالة، أضف على حالات كثيرة يضطر خلالها طلابنا العرب في التعليم الخاص للسفر إلى تل أبيب او للدراسة في مدارس خاصة غير عربية يفقدون خلالها التواصل بلغتهم الأم وهم أحوّج الناس لتقوية لغتهم مِن أجل التواصل الإجتماعي بالإضافة لعدم إلمامهم بأبسط الرموز الدينية والوطنية التي تشكل هويتهم بسبب تجاهلها في تلك المدارس، ويُذكر أنها كانت في الماضي مدرسة تعليم خاص عربية في يافا.
وأخيرا يجب العمل فوراً في مدارسنا وفي مؤسسات المجتمع المدني على تقوية طلابنا في اللغة العربية -اللغة الأم-، وذلك عبر رفع عدد الحصص الدراسية فيها بشكل ملحوظ وتعليم بعض المواد التي تُعلم باللغة العبرية كالرياضيات ومواضيع التخصص باللغة العربية لكشف طلابنا على مصطلحات لغوية هم بحاجة ماسة لمعرفتها، فثبت بدراسات علمية عديدة أنه من يتمتع بثروة لغوية واسعة في لغته الأم يسهل عليه تعلم اللغات الأخرى بالإضافة لتمتعه بقدرات تعبيرية عالية تساهم في تحسين لغة الحوار والنقاش لديه، وهذا مِن شأنه أن يرتقي بطلابنا وبمجتمعنا كثيراً.
أكتفي بهذا القدر حتى تصل الرسالة واضحة بإذن الله تعالى!.
بقلم: محمد محاميد
التعليقات